همسة في أذنك
(أروى) فتاة تخرج للسوق مشمرة عباءتها عن ساعديها من فوق بنطلون يظهر واضحاً عند مشيتها قد لبست على وجهها غطاء شفافاً يفوح العطر ويتحرك معها تدخل أكثر المحلات وتتحدث مع الباعة بصوت متكسر لمناسبة وبدون مناسبة .
أختي الكريمة ...
ما شعورك تجاه هذا المثال الذي يتكرر في أسواقنا ؟! ما رأيك في همسة أهمس بها في أذنك بحوار هادئ منطقي بعيد عن المجاملة قريب من المصارحة نستعرض من خلاله الدرماتيكية في الصة حين يقع الوالد (أروى) ذي الخمسين سنة حادث أليم يسبب شللاً رباعياً يقعد لمدة طويلة في المستشفى . ذهبت لزيارة والدها للمرة الأولى والدموع لا تجف عن حذبها ، دخلت عليه فابصرت أباها في حالة سيئة آلمت نفسها ، وحزنت لشكواه ، ودمعت عينها لآهاته وأناته وهو من (والدها الكريم الحنون وكفى) قبلت رأسه ودعت له بالصحة والعافية ... وقفت (أروى) مع نفسها تفكر في حال إخوانها الصبية الصغار ينتظرون عودة أبيهم ليقضي حوائجهم ، ويخفف لوعتهم ، ويشبع جوعتهم ، قد تعلقت قلوبهم وقلبها به ، فهموم وأحزان ، وذل وخضوع للناس تتذكر زيارة والدها .. فتلمح في الأفق (المستشفيات) كم تعج بالمرضى من كل نوع وحالة ..
فكم من شاب وشابة في أعمار الزهور ومقتبل الحياة أصبحوا معاقين مهمومين .
يا من عافاك الله .. وقفت ( أروى ) تقارن بين حياتين ( قبل وبعد ) كم كانت غارقة في الماديات وآخر الموضات .
( حادث والدها ) أعادها إلى أن تعيش الحياة السعيدة في ظل الصلة بالله عز وجل فلا سفور ولا تبرج بعد اليوم بل حجاب وحشمة وإقبال على الله تعالى ..
أختي المتسوقة :
يا من ابتعدت عن طاعة الله عز وجل .. هذه الدنيا كم فيها من عين باكية وقلب حزين ، كم فيها من الضعفاء والمساكين والمعدين قلوبهم تشتغل ودموعهم تسيل فهذه تشكو علة وسقماً وأخرى هماً وقلقاً ..
عزيزة ذلت ، وصحيحة مرضت ، وجميلة مسحورة ، ومحدة معيونة . تلك هي الدنيا .. تضحك وتبكي ، وتجمع وتشتت ، شدة ورخاء وسراء وضراء .
فاحمدي الله على نعمة الصحة والعافية ..
اللؤلؤة المكنونة :
ما أجملها في تسوقها ترتدي عباءتها قد علا محيا وجهها خمارها الساتر ، كانت مع أخواتها المسلمات يداً واحداً يوصي بعضهن بعضاً بالكلمة الصادقة ، والنصيحة المؤثرة ، والشريط المفيد ، والكتيب الهادف ، والهدية المغلقة ..
قال تعالى :
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (التوبة: 71) .
من كتاب (اللؤلؤة المكنونة) للشيخ عادل العبد الجبار