العفو والتجاوز عن المسيء
أم غسان
منزلة العفو في الشريعة منزلة عظيمة ومكانته من بين مكارم الأخلاق مكانة رفيعة والأدلة – من الكتاب والسنة - على ذلك كثيرة نذكر منها ما يلي:
v قال تعالى ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).
v قال تعالى (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) .
v من السنة قالت عائشة رضي الله عنها ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولاخادماً إلا أن يُجاهد في سبيل الله وما نِيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله تعالى).
v مما صحت روايته أن رسول الله عليه الصلاة والسلام سأل جبريل عليه السلام عن معنى قوله تعالى: ( خذ
العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) فأجابه ( يا محمد أن الله يأمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك )
الأدلة أعلاه تبين وجوب تجنب ما قد يؤدي وجوده إلى طلب العفو والتسامح والعفو عن المسيء
وفي سطورنا القادمة نلقي بعض الضوء على عموميات وقواعد باعتبارها تفصيل يُعضد الأدلة ويعللها:
أولاً: حرص الإسلام على حفظ النسيج الاجتماعي للأمة وحمايتها من عوامل التجزئة والتفرقة لأن ذلك من أسباب فشل الأمة في معركتها ضد الخصوم.
ثانياً: حرّم النبي عليه الصلاة والسلام أن يهجر المسلم أخاه فوق ثلاث ، فما هو أعلى من ذلك فهو أشنع .... ونستغرب حين تأتي مواسم خير وطاعات كالأفراح والأعياد والمناسبات الجميلة تأتي وتظل قلوب البعض كالصخر فلا ترفع الخصومة.
ثالثاً: الخصومة سبب من أسباب عدم رفع العمل قال عليه الصلاة والسلام أن الله عزّ وجل يقول عن المتخاصميَن ( أرجئوا هذين حتى يصطلحا) ، ومن أبشع صور الخصومة قطع الأرحام قال تعالى : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ) وفي الحديث ( لا يدخل الجنة قاطع رحم).
رابعاً: قد قرر ديننا الحنيف أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ونحن نتوقع ونفترض أن كثير من المسلمين يتورعون عن دم المسلم وماله ، لكن عرضه يكاد كلأ مستباحاً إلا من رحم ربي ، فعلى سبيل المثال الغيبة والنميمة من الأمور الرئيسة التي توغر الصدور وتشحن القلوب وبالتالي تبعد العفو والتسامح وتنأى به.
خامساً: وجوب كف اللسان ليس فقط عن الحرام بل حتى فيما لا يعني والسبب أن هذا الكف والمنع يسد أبواباً عريضة لو فُتحت لأفسدت القلوب وأمرضت النفوس وبالتالي أبعدت العفو والتسامح.
سادساً: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ولعله من الواضح جداً أن كمال المحبة يتنافى تماماً مع عدم العفو والصفح.
سابعاً: (قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم) على المسلم أن يعِي هذا ويتدبره ويجاهد ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، يجاهد ألا يتفوه إلا بالجميل من الكلمات فإن عجز فليمسك ويدرأ أذاه عن الآخرين والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
ثامناً: عدم الاهتمام برضا الناس من سخطهم ...رضا الناس غاية لا تُدرك ورضا الله سبحانه غاية لا تُترك ، عدم الاهتمام يعين على الإخلاص ، علينا أن نجعل الهم هو رضا الله عزّ وجل وعدم انتظار ما عند الناس فالإنصاف في البشر عزيز ، من ربى نفسه على هذا فلا شك أن الله سبحانه سيحبه وبالتالي يكتب محبته وقبوله في قلوب الخلق فيجتمع للعبد الخيرين معاً.
خلاصة قولنا أن على المسلم تربية النفس وترويضها وحملها حملاً على مكارم الأخلاق ومن أعظمها العفو والتسامح